اخبارسوريا

قبل ترتيب الأولويات الوطنية.. دمشق ترفض استقبال وفد ميليـ ـشيا قسد

ابراهيم الحسين _ الشرقية بوست

سوريا، دمشق

في زحمة الرسائل المتكررة والطلبات الملحّة، لا يزال وفد ما تُسمّى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) — الميليشيا الكردية التابعة لـ”الإدارة الذاتية” — ينتظر موعدًا لزيارة دمشق… ينتظر ويكتب، ينتظر ويراسل، ينتظر ويتوسّل، علّه يجد متّسعًا على جدول مزدحم لا يملك له مفتاحًا.

لكنّ دمشق، بكل هدوء، تُعيد الكرة إلى ملعب الانتظار: “لا لقاء قبل ترتيب الأولويات… لا استماع قبل اكتمال المشهد الوطني القادم… لا مقعد لمن لم يعِ بعد أن زمن المراوغة انتهى.”

بين الرغبة في التفاوض والعجز عن التغيير، يكشف هذا التأجيل المتكرر هشاشة المشروع الذي تحمله ميليشيا قسد: مشروع صُمِّم في الخارج، وتهاوى في الداخل… فشل في فرض نفسه سياسيًا بعد أن فشل في إقناع سكانه بخدماته، وتعليمه، وخبزه، وكهربائه، ومائه، وحتى بواقعيته.

هم من أرادوا “إدارة ذاتية” فخرجوا بإدارة معزولة، هم من بشّروا بـ”أخوّة الشعوب”، فزرعوا الكراهية وسلّحوا الطائفية، هم من رفعوا شعار “اللامركزية”، فمارسوا سلطات استبدادية مركزية فاقت في شدّتها بعض الديكتاتوريات الكلاسيكية.

أما عن المشروع الذي جاؤوا ليطرحوه… فليته مشروع. إنما هو تكرار للورقة المحروقة نفسها: قومية كردية، صلاحيات موسّعة، واحتفاظ بالنفط تحت وصاية أجنبية. وكأن من أفلس في كل شيء يظن أن تغيير اللهجة سيمنحه شرعية جديدة.

لكنّ ما خفي أعظم: الدوائر السيادية في دمشق باتت تملك صورة دقيقة عن هذا المشروع من الداخل… تعرف خططه، وتقرأ نياته، وتفكك أدواته. ولم يعد هناك ما يثير الدهشة، سوى إصرار البعض على تقديم المسودّة نفسها للمرة المئة، كأن شيئًا لم يحدث منذ 2011.

في النهاية، لا مفاوضات مع ميليشيا تعمل كأداة. ومن يريد مكانًا في سوريا، فليأتِ كمواطن، لا كوصيّ. أما طاولة الوطن… فهي لا تتّسع لحملة المشاريع المؤقتة، ولا لمن يظن أن بابه يُفتح بالضغوط أو بالعناوين المستوردة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى